الثلاثاء، 11 أغسطس 2009

تعدد الأزواج بين معارض ومؤيد

تعدد الأزواج بين شرع الله وإرادة الإنسان

الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا و إليه النّشور , الحمد لله الحنان المنان كريم الإحسان ونحن له نقر بجزيل الإمتنان على الإنعام بالأنعام ونشهد ألا إله إلا الله الكريم المتعال شهادة عبد أقر بالعبودية وأذعن لله شديد الفعال ونشهد أن محمداً عبد الله ورسوله سبب الأسباب ونور الأنساب وخير عبيد رب العالمين الأنجاب ..... أما بعد,,

مقدمة
تثير قضية تعدد الزوجات في مجتمعاتنا الجدل بين مؤيد ومعارض.. في الوقت الذي تصل فيه نسبة الأغلبية المسلمة إلى 91% من جملة السكان، نجد أن معظم المثقفين العرب ينظرون إلى هذه الظاهرة بالسلب، ويعتبرون تعدد الزوجات ظلمًا على المرأة وانتهاكًا لحقوقها وحريتها وإخلالاً بحرمتها الإنسانية، ويتوجهون أحيانًا إلى السلطات القانونية والأمنية بالشكاوى والاعتراضات على إهمالها في منع انتشار هذه الظاهرة دفاعًا عن حقوق المرأة ودفاعًا عن مبادئ الديمقراطية، وأيضا دساتير بعض البلاد العربية التى تعارض الزواج بأكثر من امرأة واحدة.. بينما يجد البعض الآخر أن هذه المسألة تعتبر ضرورة اجتماعية ملحة لرعاية الأرامل والأيتام ضحية الفقر والحروب وقسوة الحياة .
الرافضين للتعدد
تستنكر الصحف الغربية وبعضاً من الصحف العربية - هذه الظاهرة وتعتبرها مرضًا -على حد تعبيرهم – لما فيه من انتهاك لحقوق المرأة ، كما وجهت بعض من هذه الصحف اتهاماتها إلى قوانين الشريعة الإسلامية بأنها لا تراعي في كثير من الأحوال مصالح المرأة، وتقول: "إن أحكام الشريعة الإسلامية التي تتعلق بالأحوال الشخصية والشئون الأسرية لا تحمل الرجل المسئولية أمام القانون وتعطي له امتيازات أكثر، ولا تسمح للمرأة أن تدافع عن حقوقها؛ وهو ما يدفع الرجال إلى انتهاك حقوق وحرية المرأة تحت لواء الإسلام!
كما تؤكد كثير من النساء - أن الرجل حين يجمع بين عدة نساء كأنه يجمع الأموال، ثم يقوم بصرفها، ويعد هذا الأمر مستغربًا من المرأة التي ترضى بمثل هذه الحياة ؛ فتعدد الزوجات هو خدش لحق المرأة الإنساني وتشبيهها بالمال.
وتروي بعض النساء قصصهن – أن الزوج قد تزوج عليها سرًا، ثم نجحت في إجباره على تطليق ضرتها (الزوجة الثانية)، وتشير إلى أن الرجل من حق زوجته الأولى؛ لهذا فإنه ليس من حقه أن يتزوج عليها، وينبغي لأي امرأة ألا تسمح لزوجها بالزواج من أخرى.
كما تؤكد بعض النساء الأخريات - أنها غير راضية عن تعدد الزوجات بسبب صعوبة أن يعدل الرجل بين أزواجه تمام العدل، وكثيرًا ما تحدث "الخناقات" والأزمات بين الزوجة الأولى والثانية ؛ وهو ما يكدر معيشة الزوجين ويجعلهما غير سعداء .
وعلى الجانب الآخر وقبل الزواج أو وجود ضرة تشير بعض النساء - إلى أنه لا بد أن يكون عقد الزواج قائمًا على الحب والمودة بين الطرفين ، وإلا فلن تتحقق السعادة الزوجية، إذا كان الأمر كذلك فكيف يستطيع رجل واحد أن يتزوج بامرأتين أو أكثر، ويقسم حبه بينهن مع أنه لا يملك إلا قلبًا واحدًا ؛ فهذا مستحيل.
كما تؤكد أخريات - على أن قلة الوعي الديني والبعد عن المنهج الإسلامي والفهم الخاطئ حيال المقاصد التي تسعى الشريعة الإسلامية لتحقيقها من خلال تعدد الزوجات قد يكون سببًا في نفور معظم الناس من هذه الظاهرة، وكذلك إهانة بعض الأزواج لزوجاتهم وعدم العدل بين الزوجات.

المؤيدين للتعدد
أما عن المؤيدين فتتركز وجهة نظرهم على أن مسألة تعدد الزوجات قد تكون حلاً سليمًا لكثير من المشاكل الاجتماعية التي يعاني منها المجتمع ؛ مثل زيادة عدد الأرامل والأيتام الذين هم في أمسّ الحاجة إلى من يرعاهم، وذلك بعد أن زادت قسوة الحياة وصعوبتها وزادت الحروب فى بلادنا العربية والتى يذهب ضحيتها عدد كبير من الرجال.
كما أن تعدد الزوجات يساعد على عدم إنتشار الزنا وكثير من المحرمات وبالتالى فإنه يساعد على تقليل الأمراض الناتجة عن الإحتكاك الجنسى والتى تنتشر فى العالم بسرعة كبيرة .
كما أن الزواج فى بادئ الامر قد شرع لأسباب أهمها بقاء النسل الإنسانى وإعمار الكون لا المتعة فحسب وأعتقد أن التعدد لا ينافى إعمار الكون والتناسل السليم بالطريقة السليمة لذا شرعة الله تعالى لعلمه بأنه حل وحلال وحل لكثير من مشاكل المجتمع وإن حرمناه دخلنا فى نطاق الذين يحرمون ما أحل الله وهو تقديم لأهوائنا على إرادة الله وتشريعه وهذا يعد نوعا من انواع الكفر والعياذ بالله 0
كما يؤكد بعض الرجال – المتزوجون بأكثر من واحدة - أن هناك ضرورة اجتماعية ملحة لأن تنتشر مسألة تعدد الزوجات، خاصة إذا كان الرجل قادرًا على ذلك؛ فالزواج ليس متعة فحسب.. بل إنه رعاية ومسئولية دينية، فإذا لم نعمل لنشر هذه المسألة فمن الذي سيرعى الأرامل والأيتام ؟ وكيف يمكننا حل مشكلة العنوسة التي تزداد يومًا بعد يوم في مجتمعاتنا وفي أغلب المجتمعات الإسلامية ؟ وإنه من خلال التجارب الحية فلا توجد مشاكل كبيرة في المعاملة والعدل بين الزوجات . فعلى الرجل حسن اختيار الزوجة فقط.

تعارض الشريعة ودساتير بعض البلدان
"إن القانون الجنائي لبعض البلدان العربية والإسلامية لا يسمح بالعقد على أكثر من امرأة واحدة ، ويحدد العقوبة البدنية والنقدية لمن يخترق هذا القانون؛ حيث تصل العقوبة لحبس سنتين أو غرامة قيمتها تعادل من 200 إلى 500 ضعف مرتب المتهم الشهرى 0
ومن الملاحظ ميل كثير من الرجال ممن عندهم الإمكانية المالية إلى الزواج بالثانية أو الثالثة أو الرابعة ابتغاء المتعة وتنويع لون الحياة ، أو فرارًا من المتاعب والأعباء التي يواجهونها في الحياة اليومية ؛ فيلتجئون إلى المتعة الزوجية، مع كل ذلك لا يتم مثل هذا التصرف إلا برضا الطرفين؛ فالأمر متعلق بالحرية الشخصية، ولا أرى أي تبرير أو دافع حقيقي لمنعه وفرض العقوبة عليه.

الحكمة من التعدد
ليس صحيحاً ما يظنه بعض الناس أن الزواج بثانية لا ينبغي إلا إذا قام به الإنسان بسبب موجب ككون الأولى عاقراً، أو مريضة لا يتأتى معها المعاشرة في الفراش، أو أنها عجوز قد انقطع عنها إرب الرجال، أو غير ذلك من الأسباب، بل يصح للمسلم أن يتزوج بثانية ولو كانت الأولى صالحة طيبة ودوداً ولوداً شابة، وقدوتنا في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام؛ وفي صحيح البخاري أن ابن عباس رضي الله عنه قال لسعيد بن جبير: هل تزوجت؟ قال: لا. قال: {فتزوج فإن خير هذه الأمة أكثرها نساء} يعني بذلك النبي صلى الله عليه وسلم . يقول الكثير من مشايخ الإسلام وعلمائه إن إباحة تعدد الزوجات لأمور محسوسة يعرفها كلُّ العُقَلاء 0
منها - أن المرأة الواحدة تحيض وتمرض، وتنفس إلى غير ذلك من العوائق المانعة من قيامها بأخص لوازم الزوجية، والرجل مستعد للتسبب في زيادة الأُمة، فلو حُبس عليها في أحوال أعذارها لعطلت منافعه باطلاً في غير ذنب 0
ومنها - أن الله أجرى العادة بأن الرجال أقل عدداً من النساء في أقطار الدنيا، وأكثر تعرضاً لأسباب الموت منهن في جميع ميادين الحياة ؛ فلو قصر الرجل على واحدة، لبقي عدد ضخم من النساء محروماً من الزواج، فيضطرون إلى ركوب الفاحشة؛ فالعدول عن هدي القرآن في هذه المسألة من أعظم أسباب ضياع الأخلاق، والانحطاط إلى درجة البهائم في عدم الصيانة، والمحافظة على الشرف والمروءة والأخلاق، فسبحان الحكيم الخبير! (كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير) 0
ومنها - أن الإناث كلهن مستعدات للزواج، وكثير من الرجال لا قدرة لهم على القيام بلوازم الزواج لفقرهم؛ فالمستعدون للزواج من الرجال أقل من المستعدات له من النساء؛ لأن المرأة لا عائق لها، والرجل يعوقه الفقر وعدم القدرة على لوازم النكاح، فلو قصر الواحد على الواحدة، لضاع كثير من المستعدات للزواج أيضاً بعدم وجود أزواج؛ فيكون ذلك سبباً لضياع الفضيلة وتفشي الرزيلة، والانحطاط الخلقي، وضياع القيم الإنسانية، كما هو واضح؛ فإن خاف الرجل ألا يعدل بينهن، وجب عليه الاقتصار على واحدة، أو ملك يمينه؛ لأن الله يقول (إِنَّ الله يَأْمُرُ بالعدل والإحسان) والميل بالتفضيل في الحقوق الشرعية بينهن لا يجوز؛ لقوله تعالى (فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الميل فَتَذَرُوهَا كالمعلقة) أما الميل الطبيعي بمحبة بعضهن أكثر من بعض، فهو غير مستطاع دفعه للبشر، لأنه انفعال وتأثر نفسي لا فعل، وهو المراد بقوله (وَلَن تستطيعوا أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النساء) وما يزعمه بعض الملاحدة من أعداء دين الإسلام، من أن تعدد الزوجات يلزمه الخصام والشغب الدائم المفضي إلى نكد الحياة، لأنه كلما أرضى إحدى الضرتين سَخطت الأخرى؛ فهو بين سخطتين دائماً - وأن هذا ليس من الحكمة! فهو كلام ساقط، يظهر سقوطه لكل عاقل؛ لأن الخصام والمشاغبة بين أفراد أهل البيت لا انفكاك عنه البتة، فيقع بين الرجل وأمه، وبينه وبين أبيه، وبينه وبين أولاده، وبينه وبين زوجته الواحدة؛ فهو أمر عادي ليس له كبير شأن، وهو في جنب المصالح العظيمة التي ذكرنا في تعدد الزوجات من صيانة النساء وتيسير التزويج لجميعهن، وكثرة عدد الأمة لتقوم بعددها الكثير في وجه أعداء الإسلام - لأن المصلحة العظمى يقدم جلبها على دفع المفسدة الصغرى.
فلو فرضنا أن المشاغَبة المزعومة في تعدد الزوجات مفسدة، أو أن إيلام قلب الزوجة الأولى بالضرة مفسدة، لقدمت عليها تلك المصالح الراجحة التي ذكرنا، كما هو معروف في الأصول؛ فالقرآن أباح تعدّد الزوجات لمصلحة المرأة في عدم حرمانها من الزواج، ولمصلحة الرجل بعدم تعطّل منافعه في حال قيام العذر بالمرأة الواحدة، ولمصلحة الأمة ليكثر عددها فيمكنها مقاومة عدوها؛ لتكون كلمة الله هي العليا، فهو تشريع حكيم خبير، وهو أمر وسط بين القلة المفضية إلى تعطل بعض منافع الرجل، وبين الكثرة التي هي مظنة عدم القدرة على القيام بلوازم الزوجية. والعلم عند الله تعالى.
حكم التعدد
تعدد الزوجات حكمة الإباحة على قول بعض العلماء وذهب البعض الأخر إلى الإستحباب ؛ لقول الله –تعالى-:"وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى ‏فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً" ‏‏[النساء:3].‏
فاختار الله –عز وجل- التزوج بأكثر من واحدة ، فإن خاف عدم العدل تزوج بواحدة فقط ، ولو كان خلاف ذلك لأنزل الله تعالى يحدد الزوجات بواحدة وفى حالة المخافة من الوقوع فى الأثم أو ظلم نفسه يتزوج بأخرى ؛ ولم يرد ذلك فى شرعنا . فدل على أن الخيرية هى التى أختارها الله تعالى وهى التعدد وفى حالة مخافة عدم العدل فإن زوجة واحدة تكون أولى وأخير , كما أن التعدد هو السنة وعمل نبينا –صلى الله عليه وسلم- والله –عز وجل- يقول: ( لقد ‏كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ) " الأحزاب:21" وقال ابن عباس –رضي الله عنهما-‏‏:"إن خير هذه الأمة أكثرها نساءً" رواه البخاري (5069) يعني رسول الله صلى الله عليه ‏وسلم , وهناك كثير من الناس يقول أن هذا لرسول الله وكيف لنا أن نكون مثله فأقول لهم إن رسول الله بشر وما يسرى عليه يسرى على أمته إلا ما ميزه الله تعالى به لتزوج أكثر من أربع مع بقائهن فى ذمته0
وينبغي على العبد الذي يريد تطبيق هذه السنة أن يطبقها مع الالتزام بالضابط الشرعي حتى ‏يكون التعدد رحمة ونعمة كما أراده الشرع، أما إذا تخلى عن الضوابط الشرعية وترك تقوى ‏الله –عز وجل- في شأن التعدد فإنه يقع في المحاذير الشرعية والمشكلات الاجتماعية.‏
وأهم ضابط شرعي هو أن يعرف من نفسه أنه يعدل بين الزوجات، كما ينبغي أن يراعي أن ‏يكون قادراً القدرة المالية على الإنفاق على زوجتين أو أكثر، ويكون قادراً القدرة البدنية على ‏إعفاف الزوجات، ويكون قادراً القدرة الإدارية الاجتماعية بحيث يحسن عشرة الزوجات ‏ويربي الأبناء والبنات، والله أعلم.‏

تأملات فى التعدد
إن مسألة المنطق الذكوريِّ، الذي يشير البعض إليه أنَّه يحكم تصرُّفات البشر، مسألةٌ مزعجة.
الإسلام أثبت للمرأة حقوقًا لا يجوز التنازل عنها، وعاملها كفردٍ كامل الأهليَّة له كيانه واحترامه وحقوقه، ولم يفرِّق في ذلك بين الرجل والمرأة، فالكلُّ مخاطَب، والكلُّ مسئول، وإلا فليخبرني كلُّ قارئ: كيف سيحاسب الله تعالى شخصًا لا حول له ولا قوَّة، شخصًا هو مجرَّد تابعٍ لا أكثر؟؟ هذا ليس من العدل.
ليست هناك عبوديَّةٌ ولا سوق نخاسة، بل هي جزءٌ مهمٌّ وأساسيٌّ في المجتمع مثله تماماً مثل الجزء الآخر: "الرجل".
وإن الله تعالى أباح لكل منهما أشياء خاصة به وحرم عليه أشياء خاصه به فأباح للرجل تعدد الزوجات ولن يحاسب على عدم العدل بينهن إلا الرجل نفسه فمن يقبل ذلك ويجد فى نفسه الكفاية والقدرة جاز له ولا حرج حتى وإن لم يعدل بينهما فإن هذا شأنه مع الله فالله يحاسبه على ظلمه وعدم عدله 0
وليس من حقنا أن نحرم ما أحل الله ولا أن نحل ما حرم الله إنما نقف وقفة متفكر متدبر فى كلام الله لنقف على الحكم الصواب من كلام الله تعالى وكلام وأفعال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم 0

كما أنه ليس دائمًا يكون الزواج الثاني سببه تقصير المرأة أو عدم كفاية الزوجة لزوجها، هو سبب ولا شكّ، ولكنه في الأساس – حسب خبرتي ومعلوماتي - ليس السبب الأهم أو الغالب، بل هو غالبًا - من وجهة نظري - الحُجَّة التي يدَّعيها الرجل للزواج الثاني، والحقيقة تقول: إنَّ السبب الغالب في الزواج الثاني يتراوح بين ارتباطٍ ما أو إعجابٍ ما ينشأ بين الرجل والزوجة الثانية نتيجة عملهما معًا أو سُكناهما بقرب بعض، أو توافق الأفكار بينهما أو.. أو..، هذا الإعجاب يُتَرجَم بعد ذلك إلى زواج، فالغالب أنَّ الزواج لا يكون إلا نتيجة التقاء بينهما، وليس دافعه نقص كفاية الرجل.
وقد يكون سبب الزواج الثاني التقاء "مصالح" بين الطرفين بشكلٍ من الأشكال، وهنا لا أقصد المصالح المادية فقط، مع أنَّها موجودة، بل قد تكون مصالح "شعورية" إن جاز التعبير، فالزوج يميل لأمرٍ لا تميل له زوجته الأولى، ويجد هذا الميل عند الثانية، فيرغب في زواجها.
وهناك أسباب أخرى قد يكون دافعها كثرة اللقاء أو توافق الظروف التي وضعتهما في هذا الطريق، وغير ذلك.
ولكن لو كان سبب الزواج الثاني هو تقصير المرأة بالفعل، فهذا ذو شقين أو حديثين: للرجل من جهة، وللمرأة من جهة.
الرجل: عليه أن يوازن ويراعي، فلا تكون رغباته هي الأساس، ولينظر في المصالح والمفاسد، وهل يمكنه تحقيق رغباته مع زوجته، ولو لم تكن كاملة.
المرأة: لو كانت بالفعل غير قادرة على ما يريد، فلتسمح له بالثانية بشرط العدل بينهما، ولا داعي لأن تترك زوجها يتعذَّب بسبب تعنُّتها غير المبرَّر، فهذا ليس من الدين في شيء
تعدُّد الزوجات.. إعادة الفهم للجِنسَين
أوَّلا: نبذةٌ عن تاريخ تعدُّد الزوجات عند الأمم والشعوب:
يقرر العلماء أنَّ هذا النظام كان سائداً قبل ظهور الإسلام في شعوبٍ كثيرة، منها: "العبريُّون" و"العرب" في الجاهلية، وشعوب "الصقالبة" أو "السلافيُّون"، وهي التي ينتمي إليها معظم أهل البلاد التي نسمِّيها الآن: "روسيا، وليتوانيا، وإستونيا، وبولونيا، والتشيك، وسلوفاكيا، ويوغوسلافيا".
وكان سائداً كذلك عند بعض الشعوب الجرمانيَّة والسكسونيَّة التي ينتمي إليها معظم أهل البلاد التي نسمِّيها الآن: "ألمانيا، والنمسا، وسويسرا، وبلجيكا، وهولندا، والدانمارك، والسويد، والنرويج، وإنجلترا".
فليس بصحيحٍ إذن ما يدَّعونه من أنَّ الإسلام هو الذي أتى بهذا النظام، والحقيقة أنَّ نظام تعدُّد الزوجات لا يزال إلى الوقت الحاضر منتشراً في عدَّة شعوبٍ لا تدين بالإسلام كأفريقيا والهند والصين واليابان، وإن كانت تعوزنا دراسةٌ عن تطوِّر هذا الأمر في الحقب التاريخيَّة المختلفة، فليس بصحيحٍ إذن ما يزعمونه من أنَّ هذا النظام مقصورٌ على الأمم التي تدين بالإسلام.
والحقيقة -كذلك- أنَّه لا علاقة للدين المسيحيِّ في أصله بتحريم التعدُّد، وذلك أنَّه لم يَرِد في الإنجيل نصٌ صريحٌ يدلُّ على هذا التحريم، وإذا كان السابقون الأوَّلون إلى المسيحيَّة من أهل أوروبا ساروا على نظام وحدة الزوجة، فما ذاك إلا لأنَّ معظم الأمم الأوروبيَّة الوثنيَّة التي انتشرت فيها المسيحية في أوَّل الأمر -وهي شعوب اليونان والرومان- كانت تقاليدها تحرِّم تعدُّد الزوجات المعقود عليهنّ، وقد سار أهلها -بعد اعتناقهم المسيحيَّة- على ما وجدوا عليه آباءهم من قبل.
إذن فلم يكن نظام وحدة الزوجة لديهم نظاماً طارئاً جاء به الدين الجديد الذي دخلوا فيه، وإنَّما كان نظاماً قديماً جرى عليه العمل في وثنيَّتهم الأولى، وكل ما هنالك أنَّ النظم الكنسيَّة المستحدثة بعد ذلك قد استقرَّت على تحريم تعدُّد الزوجات، واعتبرت هذا التحريم من تعاليم الدين، على الرغم من أنَّ أسفار الإنجيل نفسها لم يرد فيها شيءٌ يدلُّ على هذا التحريم.
والحقيقة -أيضا- أنَّ نظام تعدُّد الزوجات لم يبدُ في صورةٍ واضحةٍ إلا في الشعوب المتقدِّمة في الحضارة، على حين أنَّه قليل الانتشار في الشعوب البدائيَّة المتأخِّرة، كما قرَّر ذلك ورصده علماء الاجتماع ومؤرِّخو الحضارات، وعلى رأسهم "وستر مارك"، و"هيلير"، و"جنر برج".
فقد لوحظ أنَّ نظام وحدة الزوجة كان النظام السائد في أكثر الشعوب تأخُّراً وبدائيَّة، وهي الشعوب التي تعيش على الصيد أو جمع الثمار التي تجود بها الطبيعة عفوا، وفي الشعوب التي تتزحزح تزحزحاً كبيرا، في حين أنَّ نظام تعدُّد الزوجات لم يبدُ في صورةٍ واضحةٍ إلا في الشعوب التي قطعت مرحلةً كبيرةً في الحضارة، وهي الشعوب التي تجاوزت مرحلة الصيد البدائيِّ إلى مرحلة استئناس الأنعام وتربيتها ورعيها واستغلالها، والشعوب التي تجاوزت جمع الثمار والزراعة البدائيَّة إلى مرحلة الزراعة المتقدِّمة.
فليس بصحيح –بناءً على ما سبق- ما يزعمونه من أنَّ نظام تعدُّد الزوجات مرتبطٌ بتأخُّر الحضارة، بل الحقيقة على العكس من ذلك تماما.
هذه هي النظرة الواقعيَّة لهذا النظام من الناحية التاريخيَّة، وهذا هو موقف المسيحيَّة منه، وهذه هي الحقيقة فيما يتعلَّق بمدى انتشاره وارتباطه بتقدم الحضارة، غير أنِّي لم أذكر ذلك لتبرير هذا النظام، وإنَّما ذكرته لوضع الأمور في نصابها، ولبيان ما تنطوي عليه الحملة الغربيَّة من تزييفٍ للحقيقة والتاريخ.

الموضوع الثاني: في التعامل مع الشريعة:
- لا بد أن ينظر إلى مقاصد الشرع وإلى الرؤية الكليَّة للشريعة وتفصيلاتها، لارتباط الكلِّ ببعضه.
- المسألة قضيَّة إيمانٍ أو عدم إيمان، خذ مثلاً أقوال المشكِّكين في الشرع: لماذا تُقطَع يد السارق؟ لماذا يُجلَد الزاني؟ لماذا، لماذا… إلخ من قضايا لا تنتهي، لكنَّها في النهاية بالنسبة للمسلم ولغيره إيمانٌ بالله وبرسوله صلى الله عليه وسلم، وبالتالي لا يحلُّ الافتئات عليهما، بَيْدَ أنَّ ذلك لا يمنع السؤال والبحث والمناقشة.
- أمر التعدُّد من باب الضرورات، أي الاستثناء وليس القاعدة، وهو يرجع إلى الضرورات الاجتماعيَّة والاحتياج والاتِّفاق والتراضي، فما لا يعجب واحدةً قد يرضي أخرى، وهكذا، كما أنَّ هناك فارقٌ بين المباح والمتاح، فالشرع أباح الأمر استثناءً وبضوابط، لكن هل هذا الأمر متاحٌ لكل أحدٍ نفسيًّا واجتماعيًّا وصحيًّا واقتصاديًّا؟ هذا هو السؤال.

وبعد كلِّ ما سبق من الحديث في الموضوع وحول الموضوع، تبقى كلمةٌ أخيرة: ضع نفسك موضع الطرف الضعيف، المرأة التي مات زوجها أو استُشهد في حرب، أو فتاةً تكاد تبلغ سنَّ اليأس، أو… إلخ، قل لي بربِّك ماذا تفعل بحقِّ نسائنا في البوسنة والهرسك أو فلسطين مثلاً، اللائي رُمِّلن، الأمر -كما قلت- يخضع لظروفٍ كثيرة.
كما لا تجعل ظروف المجتمعات السيِّئة عندنا في العالم الإسلاميِّ أصلاً في هذه المسألة، فهذا وضعٌ مريضٌ يحتاج لتربيةٍ وتعليمٍ وإعادة بناء، وخذ مثلاً قضيَّة زيادة العنوسة في المجتمعات الإسلاميَّة المريضة، والتي لا تسمح ظروف الشباب منها بتكاليف الزواج لفقرها، فهذا ظرفٌ خاصّ، يشرِّع له الإسلام حكمه.

آخر نقطة أؤكِّد عليها هي أنَّ تلك القضيَّة جزئيةٌ من كلّ، أو لَبِنةٌ في بناء، وعندما تنظر لجزئيَّةٍ في كلٍّ أو لبنةٍ في بناء، لا يصحُّ النظر إليها خارج سياقها، فانظر للزكاة مثلاً ضمن النظام العامِّ للإسلام، وانظر للعقوبات ضمن النظام العامِّ للإسلام، وانظر لأحكام الأسرة والميراث وترتيب النفقات والوصايا ضمن النظام العامِّ للإسلام، لأنَّ بتر جزءٍ من كلّ، أو إخراج لبنةٍ من بناء، وإصدار حكمٍ عليها لا يستقيم مع ما تعارف عليه العلماء في النقد والبحث العلميّ؛ لأنَّه يؤدِّي إلى نتائج جائرةٍ وخاطئة على تلك الجزئيَّة، أو هذه اللبنة.
يجب أن تدرك جيِّداً أنَّ المسائل الفقهيَّة وأحكامها لا تسبح في فراغ، بل ترتكز على قِيَمٍ حاكمةٍ وقواعد ضابطة، وهذه القواعد ترتكز أيضاً على قواعد أشمل منها وأعمّ، وكلُّ هذا في نسقٍ متماسك، ولا يمكن اعتماد حكم فرعٍ من الفروع أو جزئيَّةٍ من الجزئيَّات، أو قضيَّةٍ من القضايا دون النظر والربط بينها وبين قواعدها الضابطة والقِيَم الحاكمة، وإلا اختلَّ البناء

أما عن موقف المرأة من خلال قضيَّة "تعدُّد الزوجات":

المسألة باختصارٍ شديدٍ ليست تعنُّتاً ولا ظلماً للمرأة، فإضافةً لما سبق ذكره في حكمة تعدُّد الزوجات للرجل، وهو ما لا ينطبق على المرأة، تبقى قضيَّةٌ هامَّةٌ تعتبر من ضروريَّات الدين، وهي حفظ النسل وعدم اختلاط الأنساب، وزواج المرأة من أكثر من رجل يفسد ذلك كلَّه، فلا نعد نعرف هذا المولود ابن من، ولا جاء ممَّن، فيختلط الحابل بالنابل كما يقولون، وتضيع الأنساب، وتتلوها الحقوق والالتزامات، ونصبح مجتمعاً مختلطاً همجياً لا نعرف هذا من ذاك، فيتنكَّر الأب لالتزاماته نحو أولاده، ويلقي بتبعاتها على رجلٍ آخر، هذا من ناحية، ومن ناحيةٍ أخرى يتزوَّج الأخ دون أن يدري من أخته، والأمُّ من ابنها، والأب من ابنته، وهكذا إلى ما لا نهاية له من الفساد المدمِّر المهلك، ولعلَّ بعضاً من هذا قد ظهر في الغرب اليوم، نتيجة عدم توثيق عقود الارتباط بين الرجل والمرأة، ونتيجة احتماليَّة ذهاب المرأة مع أكثر من رجل.
فالمسألة إذن حفظٌ للحقوق، وصيانةٌ للمجتمع من فسادٍ كبير، وليست تمييزاً وتفضيلاً للرجل على المرأة، لا من قريبٍ ولا من بعيد.


دور المرأة فى الحياة

إنَّ المرأة مع الرجل سواءً بسواءٍ فيما يتعلَّق بالتكاليف والالتزامات، والأهليَّة القانونيَّة أداءً ووجوبا، فخطاب الله تعالى للجميع: "يا أيُّها الناس إنَّا خلقناكم من ذكرٍ وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إنَّ أكرمكم عند الله أتقاكم إنَّ الله عليمٌ خبير"، "من عمل صالحاً من ذكرٍ أو أنثى وهو مؤمنٌ فلنحيينَّه حياةً طيِّبةً ولنجزينَّهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون"، والمرأة ترث وتوَرِّث، ولها ذمةٌ مستقلةٌ تماماً عن زوجها أو أيٍّ من أوليائها.

ولأنَّ الإسلام دين الفطرة أيضا، ولأنَّ الله خلق -لحكمته البالغة- الخلق من ذكرٍ وأنثى، فإنَّه لا يقبل من أيٍّ من الجنسين أن يتخلَّى عمَّا ميَّزه الله به ليصبح صورةً مشوَّهةً من الجنس الآخر، فلقد خلق الله الرجل وميَّزه بقدراتٍ عضليَّةٍ وفسيولوجيَّة، كما خلق المرأة وميَّزها بإمكاناتٍ وقدراتٍ أخرى، وهذا لا يُنقِص من قدر أيِّهما، ولا يجعله أفضل من الآخر، وإنَّما كلٌّ ميَسَّرٌ لما خُلِق له وللوظيفة المطلوبة منه، وكلٌّ يحوز الأفضليَّة بقدر نجاحه وإتقانه القيام بوظيفته.

نهاية: هي دعوةٌ لإعادة الفهم من الطرفين:

الرجل: فلا يأخذ أمر التعدُّد ويتوسَّع فيه بإطلاقه دون الالتزام بشروطه: "تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعدَّ حدود الله فأولئك هم الظالمون".

والمرأة: فلا تُنكر ما أمر الله تعالى به: "وما كان لمؤمنٍ ولا مؤمنةٍ إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخِيَرةُ من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضلَّ ضلالاً مبينا".


لماذا أباح الله للرجل الزواج من أربع ولم يبح للمرأة الزواج من أربعة رجال بالرغم من وجود بعض النساء اللاتي يرغبن بمعاشرة أكثر من رجل ؟
قال الله تعالى ( فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ) (سورة النساء:3)، ولقد كان تعدُّد الزوجات معروفًا وسائدًا في الشرائع الوضعية والأديان السماوية السابقة، والإسلام أقرَّه بشرط ألا يَزيد على أربع، وألَّا يُخاف العدل بينهن.
وفي مشروعيته مصلحةٌ للرجل، فمن المقرَّر أنه بحكم تكوينه مستعِد للإخصاب في كل وقت من سنِّه العادي، وتتُوق نفْسه إلى المُتْعة ما دام في حال سويَّة، أما المرأة فبِحكم تكْوينها لا تستعدُّ للإخصاب مدةَ الحمْل، وهي أشهُر طوال، ومدة الدورة وهي في الغالب ربع الشهر طيلة عمرها حتى تبلغ سِنَّ اليأس، كما أنها تعزِف عن المتعة مدة الإرضاع التي قد تبلغ حولين كاملين، ولا ترغب فيها غالبًا، أو تلُحُّ عليها إلا في فترة قصيرة جدًّا كل شهر حين تنضج البويضة، فكان من العدل والحكمة أن يُشرع التعدُّد ما دامت هناك قدرة عليه وعدل فيه . فالزوجة قد تكون غير محقِّقة لمتعته كما يريد، إما لعامل في نفسه أو نفسها هي، ولا يريد أن يطلِّقها، وقد تكون عقيمًا لا تلد وهو يتوق إلى الولد شأن كل رجل، بل وكل امرأة، فيُبقى عليها لسبب أو لآخر، أو قد تكون هناك عوامل أخرى تحقِّق له بالتعدُّد مصلحة مادية أو أدبية أو عاطفية يحب أن ينالها في الحلال بدل أن ينالها في الحرام.
كما أن في تعدُّد الزوجات مصلحة للمرأة أيضًا إذا كانت عقيمًا أو مريضة، وتفضِّل البقاء في عِصمة الرَّجل، لعدم الاطمئنان عليها إذا انفصَلت، وقد تكون محبَّة له يَعزُّ عليها أن تُفارِقه لشرَف الانتساب إليه أو نيل خيْر لا يوجد عند غيره. وفيه مصلحة للمجتمع بضم الأيامى ورعاية الأيتام، وبخاصة في الظروف الاستثنائية، وبالتعفُّف عن الفاحشة والمخالفة، وكذلك بزيادة النَّسل في بعض البلاد، أو بعض الظروف التي تحتاج إلى جنود أو أيدٍ عاملة.
وإذا علمنا أن الرجل مستعدٌّ للإخصاب في كل وقت، وبتزوجه بعدَّة زوْجات يكثُر النسل. جاز له أن يعدِّد الزوجات، لكن المرأة إذا حمَلت أو كانت في فترات الدم أو الرَّضاع لا تكون مستعدَّة للحمْل مهما كثر اللقاء الجنسي بينها وبين زوجها الواحد، فما هي الفائدة من كثرة اللقاء بينها وبين أكثر من رجل؟ إنها ستكون للمتْعة فقط، تُتداول كما تُتداول السلعة، وفوْق أن هذا إهانة لكرامة المرأة: فيه اختلاط للأنساب وتنازُع على المولود من أي هؤلاء الرجال يكون، وتلك هي الفوْضى الجنسية والاجتماعية التي تَضيع بها الحقوق، ولا يتحقَّق السكن بالزواج .
إن تعدُّد الأزواج للمرأة الواحدة صورة من صور النكاح في الجاهلية التي أبطلها الإسلام، كما ثبت في صحيح البخاري. فقد كان عندهم نكاح أخْبرت عنه السيدة عائشة بأن الرَّهط ما دون العشرة من الرجال يَدخلون على المرأة، كلُّهم يصيبونها، فإذا حملت ووضعت ومرَّت ليالٍ بعد أن تضَعَ أرْسلَت إليهم فلم يستطع رجل منهم أن يمتنع، حتى يجتمعوا عندها فتقول لهم: قد عَرَفْتم الذي كان من أمركم، وقد ولدْت، فهو ابنك يا فلان ـ تُلحقه بمن أحبَّت ـ فلا يستطيع أن يمتَنِع.
كما كان هناك نِكاح البغايا الذي يَدخل فيه كثير من الناس على المرأة فلا تَمتنع ممن جاءها، فإذا حملت إحداهن ووضعت حمْلها جمعوا لها القافة ـ الذين يَعرفون الأثر ـ فألْحقوا ولدها بالذي يرون والتاط به ـ أي لحِقَه ـ ودُعيَ ابنه لا يمتنع منه، والإماء هنَّ في الغالب اللاتي يحترفْن هذه الحِرْفة، ويَنْصبن الرَّايات على بيوتهنَّ .
وقد أُثير مثل هذا السؤال بالنسبة للجنة حيث يزوِّج الله الرجل بكثير من الحور العين، ولا يجعل للمرأة إلا زوجًا واحدًا، ومع الاعتقاد بأن قانون الآخرة ليس تمامًا كقانون الدُّنيا، فإن الغَرَض من نعيم الآخرة هو إمتاع المؤمنين الصالحين بكل ما تشتهيه الأنفس وبخاصة ما حُرِموا منه في الدنيا، والإمتاع معنى يقدِّره الله ويُكيِّفه حسب إرادته، فكما يجْعل مُتْعة الرجل في الحور العين، يجعل متعة المرأة بمعنى آخر؛ لأن مهمتها الدنيوية في الحمل لا لزوم لها في الجنة، وسيضع الله في قلبها القناعة بحيث لا تَغار من زوجات زوجها من الحور، كما جعل الحور أنفسهن قاصرات الطرف على من خُصِّصْنَ له من الرجال، لا يَمِلْن ولا يشتهين غير أزواجهن ( وعِنْدِهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَاب ) ( سورة ص: 52 )، وقد منع الله عن أهل الجنة عامةً الغلَّ والحسد، والهمَّ والحزن : قال تعالى ( ونَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ ) ( سورة الحجر: 47 )، وقال على لسانهم ( الحَمْدُ للهِ الذِي أَذْهَبَ عَنَّا الحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغُفُورٌ شَكُورٌ. الذِي أَحَلَّنَا دَارَ المُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ ) ( سورة فاطر : 34، 35 ) .
والله أعلم.

إعداد
الراعــــى

هناك تعليقان (2):

شيماء زايد يقول...

كل عام وانتم إلي الله أقرب رمضان كريم
همسة ود غير مكتوبه
كارت رمضان من تصميمي
اتمني يعجبكم http://hmasat-elqlm.blogspot.com/

غير معرف يقول...

انا رافضة جدا تعدد الزوجات لاني انا معرفش اعيش مع نص راجل يا جماعة
زي رغبته فيا كاملة ليا رغبة انه يكون ليا لوحدي برده ممكن اكون انانية بس انا كده


Get Image Rollover Effects at crazyprofile.com