الجمعة، 17 أبريل 2009

أنشودة الحيــاة


أنشــودة الحياة ... زهـرة الحياة

فى غابة من الأشواك فتاة تتسائل .. من تكون ؟؟ .. بل ومن هى ؟؟ .. وماذا كانت ؟؟

ظلت تسأل أسئلة مدهشة , فسألت ورقها: ترى من أنا ..؟؟

قال الورق والدمع يسقط متدفقًا من بين سطوره :

أنت فتاة تحبين حياة الوحدة , قالت والدهشة قد رسمت على وجنتيها: وما حياة الوحدة ..؟

أجاب والدمع يسيل: هى حياة إنسان يحيا وحيدًا ولكن ... مع أناس حوله , يشعر بأن جراحًا تمزق أوصاله

يريد حضنًا يبث فيه أحزانه .. ويحكى له آلامه .. ولكنه وحـيد ... أراد الصداقة ولكن .. لا صداقة .. أراد الحب .. ولكن .. لا وجود للحب .. !! يرسم عالم القلب الواحد .. قلب الإنسان .. يجرى فيه الحب والعطاء يرسم بسمة الود على شفتى الإنسان.. ويمسح دمع الحزن من عينى الجيران .. وصمت الورق عن الكلام..!!

فسألته الفتاة : لـم صمتَّ ... ؟!

قال: وبماذا يفيد الكلام ؟! ألا ترين تلك الغابة ؟! قالت: نعم أراها وقد امتلأت بالأشواك ...

قال : لقد أصبحنا نحيا فى عالم أنفاسه الوحدة .. وماؤه الشجار .. وحضنه الشوك .. وقلبه الحقد .. وضميره النفاق .. وسيفه العداء .. ونسماته الجفاء ..!!

تساءلت الفتاة : متى تتفتح الشرانق, وتتحطم القيود, وتخرج فراشات تحمل الحب للقلوب والشعور بالوجود؟! متى نكون أناسًا لها قلوب دماؤها الحب , وأوصالها العطاء ؟!

متى نمسك الممحاة ونمحى رسم الشيطان ؟ رسم الكره والعداء ..

متى نحيا فى حديقة غناء , فى حضن شجرة ورقاء فوقنا شدو وغناء , وبجوارنا خرير مـاء ..

متى تمر بسمة تبث للقلب الحياة ..؟ متى نرتوى من ماء السعادة بعيدًا عن البكاء ..؟

متى نكسر مرآة الأنا , ونكسر قيد الجفاء ..؟؟

متى نصل روابط الحب والعطاء ..؟

متى نرسل للكون بسمات تكسر سيف البكاء ..؟

متى نكون وحدة تحطم جبل الشيطان ..؟

وقد سكتا عن الكـلام ... ولكـن ما زال الدمع يترقرق , وما زال النزف ينساب , وما زالت الفتاة تحيا فى غابة الأشواك تجثر فيها الأحزان والأحلام , والورق يكتب على سطوره أنشودة الآلام والآمال ...

بينما هى هكذا ... فإذا بنسمة تمر حاملة شذى زهرة الحياة , فشذاها ملأ الغابة بالحب والحنان وبنداها صارعت النيران , كما أنها تصارع الأشواك فزرعت مكانها الزهور والأشجار , فتوالدت الفراشات وخرجت من الشرانق تحمل الآمال , وتناغم الطير وتراقصت الفراشات , والزهر يرقص طربًا .. فلقد تم الانتصار على الأشواك , نعم ... فقد حولت حديقة الأشواك إلى حديقة غناء , فقد بثت فيها الحياة

فتساءلا : من تكون تلك الزهرة ... زهـرة الحيـاة ...

من تكون تلك التى رسمت البسمة على الشفاه ؟ !!

من تكون تلك التى حققت لنا تلك الآمال والأحلام ؟ !!

والدهشة قد رسمت وخالطت البسمات على الوجنات ..

فسألتها الفتاة : من تكونين يا زهرة الحيـاة ؟ !!

فاندهشت زهرة الحياة وقالت : ألا تعرفانى ؟! قالا : لا , ليتنا نعرفك من زمن طويل ...

قال : لا .. بل تعرفانى ولكنكما قد غفلتا عنى .. فأنا رسالة الرحمن , جئت لأعمر الأرض بالحب والسلام , جئت لأزرع الرحمة فى قلوب الناس , أنا إذا ما حللت بمكان أحوله إلى جنان ...

سألتها الفتاة : لِمَا لم نرك هنا من قبل يا زهرة الحيـاة ؟!!

قالت : بل أنا هنا ولكنكم – بنى الإنسان – قد زرعتم الشوك وانتظرتم الحصاد , فما كان الحصاد إلا ثمار البغض والحقد والعداء , فلقد انسقتم خلف الشيطان عدوكم الوحيد , فقد استهزأ بكم ..

وانت بهذا الاستهزاء سعداء... فلقد صرتم إليه عبيدًا أزلاء .. فلقد خدعكم عندما جاءكم فى صورة الإنسان صديق الإنسان , فلقد جعلكم تقبلون الذل والهوان ... جعلكم تزرعون الطغيان فى أرض أُمر بتعميرها الإنسان , ولكنـه زرع الخراب والدمار بدلاً من العمار ... !!

تساءل الورق والفتاة : ما الذى جعلنا عبيدًا للشيطان ..؟

قالت زهرة الحياة : عجبًا لهذا الإنسان لا يعيش بين الخوف والرجاء , لا يمتلأ قلبه بحب رب الأرض والسماء .. !! عجبًا له .. ما له لا يسعى بكل حب ووفاء لتحقيق ما أمر به الرحمن لتحقيق العبودية لرب الأرض والسماء .. عجبًا لهذا الإنسان ما له لا يرجو النجاة من العذاب والشقاء , ما له يغفل عن طاعة الرحمن .. !! عجبًا لهذا الإنسان !! كيف تجرأ على العصيان ؟ عجبًا لهذا الإنسان !! ما له يتناسى الميزان , ولا يلقى له بـال !!

نظرت الفتاة للورق وهم فى دهشة مما يسمعان .. وقالت : ألهذا يا زهرة الحياة جنينا الشوك وحصدنا الدمـار ... ؟!

فذرفت عينا زهرة الحيـاة وقالت: أتتعجبين مما تسمعين ..!! وكيف لا ... والإنسان ما زال للشيطان عبدًا , أسيرًا , يقبل الهوان !! وكيف لا وقد اختار الإنسان الكبرياء رداء والعظمة إزار وما هما إلا للرحمن مالك الملوك , ذى القدرة والجبروت , ومن يتخذهما رداء فقد حق عليه العذاب , وصار من الصغار تعلوهم نـار الأنيار , يسقون من طين الخبال عصارة أهل النار ...

قالت الفتاة: كفاك يا زهرة الحيـاة ... فقد اعتصر قلبى من الحزن على أنفسنا , فقد كنا صمٌ بكمٌ عمىٌ لا نريد أن نسمع أو نبصر الحق , كل ما نفعله هو أن نكون للباطل هتاف , ولكننا بفضل من الجليل سنبصر ونسمع ونتكلم ونكون للحق دعاة , ونمشى على خطى الرسم القويم ونكسر سيف الطغاة و.....

فقالت زهرة الحيـاة : نعم .. ونطمع ...

فعادت الدهشة ترتسم على الوجوه من جديد ..

فقال الورق : نطمع !! فى ماذا نطمع .. ؟!

قالت زهرة الحيـاة - بعد أن تناثر شداها ضحكًا - : نطمع فى الغفران والرحمة من الرؤوف مالك الملوك .

قالت الفتاة - وهى تبتسم - : هكذا تقصدين .. نعم علينا أن نطمع فى الغفران والتوبة مما فات , وعلينا الرشاد لما هو آت , وأن نحيا حياة الخوف والرجاء ونستظل بظل ذى العرش المجيد , وننعم بجنة النعيم , ونستعيذ بالقدير من شر الشيطان الرجيم , ومن شر كل أثيم وأليم , ونسأله الرضا بالقليل ....

والآن علينا أن نحطم جبل الشيطان بفضل من الرحمن ,

ونصرخ لا ...

لا للأنا ...

لا للجفـاء ...

لا للكـره ...

لا للعـداء ...

لا للكبـر ...

لا للسلطان ...

ونهتف نعم ...

نعم للحب ...

نعم للصفاء ...

نعم للعطاء ...

نعم للوحدة ...

نعم للسلام ...

نعم للحيـاة ... نعم للحيـاة ...

فطـار الورق يتراقص مع الطيـر فرحًا وهو ينشد أنشودة الحيـاة : مرحًا مرحًا بالحيـاة ...

وقد كتب على سطوره قصة زهرة الحياة , وقد سار مع الفتاة ليودعوا البكـاء ويرحبوا بالبسمات ويكونوا مع زهرة الحياة لرسم البسمات على الشفاه ,,,,, الحزين الباسم

هناك تعليق واحد:

Abo-Harees يقول...

السلام عليكم
قصة جميلة أعجبتنى واجبرتنى على تخيل الأحداث جمعت بين المعانى النبيلة الهادفة والأسلوب الجميل الشيق ولا تعليق عليها إلا بالحسن والجمال الذى تنطوى عليه .
يمكن فى حاجه احب اقولها وهى لو أبدلتى كلمة ( أوراق ) مكان كلمة ( ورق ) حتبقى افضل
حسن


Get Image Rollover Effects at crazyprofile.com