الاثنين، 28 أبريل 2008

رحلة إلى العلا (4)

الرقص مع الأشجار

اذهب إلى الطبيعة... قف بين الأشجار... اتحد بقلبك مع الشجرة وتناغم معها، عانقها وتحدث معها... تأملها بصمت وحب ليتغلغل عبيرها في مساماتك، ولتذوب فيها وتنصهر معها في رقصة روحية كونية... لتغدو أنت الشجرة والشجرة أنت...إذا لم تستطع الذهاب إلى الطبيعة، قف في وسط الغرفة، وتخيّل نفسك شجرة سنديان مثلاً... الأمطار تنهمر عليك بغزارة والرياح القوية تعصف بك وتعبث بأغصانك وأوراقك..... ابدأ بالرقص كما تتمايل الأشجار مع الرياح، لتشارك الوجود رقصته الكونية الأزلية، رقصة العاشق والمعشوق....سيمنحك هذا فيضاً وفيراً من الطاقة.... وهكذا ستتعلم فن تدفق الطاقة ولغة النور... وسيكون هذا مفتاحك الذي ستستخدمه عندما تكون الأبواب مغلقة أمامك....
الشد والاسترخاء
قف في وسط الغرفة كل ليلة، وجسمك مشدود مشحون لأقصى درجة، مثل بركان يوشك على الانفجار...حافظ على هذه الوضعية لمدة دقيقتين... ثم استرخي لدقيقتين...أعد ذلك مرتين لثلاث مرات، الشد لدقيقتين، ثم الاسترخاء لدقيقتين، ثم اخلد للنوم مباشرة دون أن تقوم بأي شيء آخر.. وبهذا سيتغلغل الاسترخاء في داخلك تدريجياً طوال تلك الليلة...
السكينة الساكنة
لقد تحول العقل إلى ديكتاتور ظالم، يحاول السيطرة على كل العوالم... لم يعد خادماً أميناً بل مخادعاً كبيراً، فكرٌ محشو بالأفكار والدمار وما هي إلا أوهام وأحلام وزحام، إنها حواجز تفصلنا عن الحقيقة، وتباعد بيننا وبينها....لا حل إلا بالتأمل.... لأن الحقيقة تنجلي وتتجلّى بالتأمل والتفكر، لا بالتفكير والتركيز...إنها في نبض القلوب أبدية أزلية، لا تقبل الشك أو الظن..فلننصت إلى أعماقنا.. ولنصغي إلى صمتنا وسكينتنا وإلى الساكن فينا... فالحقيقة فينا ولكننا انشغلنا وانشغلنا حتى انطفينا وتلاشينا...هناك شيء مشترك بين النوم والتأمل: إنه الصمت... وسبب معاناة العديد من الناس من الأرق أنهم يحاولون التحكم في كل شيء حتى بالنوم، وتلك هي المشكلة...ليس عليك القيام بأي شيء لمواجهة الأرق..استرخِ فحسب.. وانتظر قدوم النوم.... وطريقة التأمل هذه بسيطة للغاية:اجلس في السرير.. استرخِ.. أغمض عينيك.. وتخيل نفسك ضائعاً تائهاً بين الجبال... الليل حالك السواد، القمر غائب، والغيوم ملبدة في كبد السماء... لا تستطيع رؤية أي شيء، ولا حتى نجمة واحدة.....ظلام دامس، حتى يدك لا تستطيع رؤيتها.... من الصعب جداً العثور على الطريق.. الأخطار تحف بك من كل الجهات.. وفي أية لحظة يمكن أن تسقط في أحد الوديان لتهلك للأبد....تلمّس طريقك بوعي واحتراس شديد.. وسط هذه الأخطار الهائلة..الغاية من كل هذا خلق حالة من الخطر الشديد لتكون بأقصى حالات الوعي... حتى إذا سقطت إبرة صغيرة تكون قادراً على سماع صوت سقوطها..فجأة ستجد نفسك قرب هاوية ضخمة.. لا يمكن لأحد أن يعرف مدى عمقها...خذ حجراً وارمه في هذه الهاوية، وانتظر سماع صوت ارتطامه بالقاع... استمر بالإصغاء والإصغاء بقلب خافق وكيان نابض.. لكن ليس هناك أي صوت!.... وكأنها هاوية لا أرض لها ولا قاع... نتيجة لهذا الإصغاء سيتولد لديك خوف رهيب، هذا الخوف هو الذي سيشعل لهيب الوعي لديك... ستغرق بالنوم شيئاً فشيئاً في قلب هذه السكينة الساكنة، ليتابع التأمل تغلغله فيك، ولتتواصل تلك الذبذبات طوال الليل...يمكنك القيام بهذا التأمل كل ليلة قبل الذهاب للنوم، وعندما تفتح عينيك صباحاً ستشعر بأنك قد نمت بطريقة مختلفة كلياً... فهناك تغير نوعي ملاحظ، وليس مجرد نوم فحسب.......هناك شيء آخر أكثر عمقاً من النوم كان حاضراً، إنه صمتك أنت، وصوتك أنت، الحي الباقي إلى الأبد، والله هو الصامت الأكبر...
تدفّق الطاقة
إن الطاقة تنساب دوماً مع أنغام المحبة.. والحب هو المفتاح الذي يجعل الطاقة تتدفق وتغدق....أينما وجد الحب فإن الطاقة تسير باتجاهه، تماماً كشلال الماء المنهمر.. النهر يعرف طريقه نحو البحر.. والفراشات تعرف طريقها نحو الزهر.... فلماذا لا تشرع بوابات قلبك للحب قبل أن تصل إلى حافة القبر؟؟الأسماك لا تحتاج إلى خريطة لتسبح في المحيط، والأزهار لا تحتاج إلى معلم يعلمها كيف تنشر الشذا والعبير، وكذلك الحب لا يحتاج إلى خرائط أو مخططات بل ينساب بكل صمت ورضى واستسلام....إذا لمستَ شجرة ما بمحبة وود عميقين ستبدأ الطاقة بالانسياب والتدفق...أمسك حجراً بيدك بحنان واهتمام كبيرين، أغمض عينيك، واشعر بحب عميق وامتنان شديد تجاهه، تأمله بشغف وصمت وكأنه يستقبل ذلك الحب ويبادلك إياه...ستشعر فجأة بنبض وتدفق الطاقة... فالحجارة ليست صماء أو خرساء، بل تنبض وتخفق كالقلوب بالحقيقة المطلقة الواحدة... الألوهية تتجلى في كل شيء، حتى في أصغر الأشياء وأبسطها... كل شيء مميز فريد... كوني لأنه من روح الله ونوره... الحب دفء وسخاء... والبغض جمود وفناء..في حالة الغضب أيضاً تجري الطاقة، لأن شيئاً ما قد تم تحريره وهذا يفسر سبب شعور الناس بالراحة بعد الغضب... ولكن هذا التدفق للطاقة سيكون هداماً لا بناء... يمكنك أن تجعله خلاقاً ويصلك بنور السماء إذا تم تحريره من خلال المحبة والإخاء:اجلس بصمت قرب إحدى الأشجار، وتذكر شيئاً ما أو شخصاً تحبه، امرأة، رجل، طفل، أو زهرة... وستشعر فجأة بانسياب الطاقة وتدفقها... وستصبح يوماً ما قادراً على الحب للحب فحسب، دون أي هدف أو رغبة، لترقص مع الطبيعة بكل طبيعية وعفوية، فدرب المحبة غير محدود ولا محصور.. لا بداية له ولا نهاية... لأنه من نور الرحمن وهو الهدية والهداية...

هناك 4 تعليقات:

ميرا ( وومن ) يقول...

اخي الكريم
جذبت كلماتك انتباهي لأقصي درجة حتي انى شعرت بحدقة عيني تتسع لمجرد تخيل اي صورة صورتها
لا اجد كلمات للتعبير عن هذا الشعور
شكرا لمرورك الكريم علي مدونتي واستوعبت كل كلمات واعتبرها مدحا لي

رئـــــيسـة حزب الأحلام يقول...

كلمات لذيذة بس ارجو تكبير الخط عشان نظرى ضعيف

غير معرف يقول...

اسفه بجد مشوفتش تعليقك غير دلوقتي يمكن لان بلوجي ده مش الاساسي

ادعوك لزياره عالمي الاخر
hamasatnono.blogspot.com

غير معرف يقول...

السلام عيكم ورحمه الله وبركاته
انى عاجزه على ان اوضح ما فى خاطرى
ولكن اودان اقول ما يليق بكلامك الجذاب الذى حقا سحرنى واخذنى إلى عالم جديد كنت اامل ان أخترقه من زمن
وان اعبر الخيال واغوص فيه لمعرفه الكثير عن عالمى الغريب وعن الدنيا ومايدور فيها.
حقا اشكرك على مدونتك الشيقه التى افادتنى فى معرفه ما يدور حولى
واخيرا ادعو لك ان يحعلك
أهل للعلم والإفاده
افادك الله
والسلام عليكم ورحمة الله


Get Image Rollover Effects at crazyprofile.com